الحكمة: 1


.من أبرز الدلائل على اعتماد الإنسان في نيل المرغوب على عمله، نقصان رجائه عند الوقوع في الذنب، فالمؤمن لا يعول لنيل رضا الله على عمله الصالح، بل على لطف الله، صاحب التوفيق والفضل

قال رحمة الله عليه: مِنْ عَلامَةِ الاعْتِمادِ عَلى العَمَلِ، نُقْصانُ الرَّجاءِ عِنْدَ وُجودِ الزَّللِ.

ابتدأ ابن عطاء الله حكمه بهذه الحكمة؛ وفيها تأكيد على أهمية التوكل على الله المتأصلة في خطاب القرآن الكريم والسنة النبوية، فالنفس الإنسانية حينما يخونها التوفيق تأنس بالسبب وتتناسى المسبب، وتعتمد على المفعول وتتجاهل الفاعل حقيقة، والمؤمن اعتماده على ربه وخالقه، لا على نفسه وعمله، وحينما يقع الاعتماد على العمل فذلك دليل على انطماس الرؤية، وانحسار البصيرة، فما الدليل على الاعتماد على العمل يأتي الجواب من ابن عطاء الله ويقول: مِنْ عَلامَةِ الاعْتِمادِ عَلى العَمَلِ، نُقْصانُ الرَّجاءِ عِنْدَ وُجودِ الزَّلل.

والمعنى أن من علامات الاعتماد على العمل الإعجاب به، ونسيان رؤية المنة والتوفيق من الله ة فيما يجري الله لك من الطاعات، وينشأ عن ذلك التنقيص ممن لم يعمل بمثله، وازدراؤه، والمؤمن يعتمد على سابق علم الله ومدده دون علمه وحيله، ولو أنه لو عمل كل الطاعات وقام بكل الواجبات فإنه لا يرى لنفسه فضلا ولا مزية، قصر نظره، وعكف بنظره على امتثال أمر مولاه، دون الانبهار بحظ عاجل، أو جزاء آجل، قد خرج من ستار الحجاب عندما يتوهم أن صدور أعماله عنه أو كونه منه؛ فإذا نظر إلى ما يبرز منه في صورة طاعة علم أن ذلك نعمة من نعم الله، وعية من عطاياه، أنعم الله بها عليه كما أنعم بسابق هدايته ، وإيجاده من العدم، وإرسال أنبيائه وإنزال كتبه، وبسط أرضه ورفع سماواته، وتسخير موجوداته، {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} [النحل:18].

فكن على كرم الـرحمن معتمــدا           لا تستند لا إلــى عــــلم ولا عمــل

ففضل ربــــك لا تمنعه معصية            ولا يضاف إلى الأغراض والعلل.